خالد إبراهيم يكشف خطر الاعتقاد المفرط وأثره المدمر

خالد إبراهيم يكشف خطر الاعتقاد المفرط وأثره المدمر

شهدت الساحة السينمائية مؤخراً ظهور فيلم “آخر المعجزات”، بعد فترة انتظار دامت عامًا كاملاً. قُدم الفيلم في مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث حظي بحضور جماهيري لافت. يستغرق الفيلم حوالي عشرين دقيقة، وأخرجه عبد الوهاب شوقي، مستلهمًا قصته من “معجزة” لنجيب محفوظ، التي وردت في مجموعة “خمارة القط الأسود”.

يروي الفيلم قصة يحيى، الصحفي الذي يقع في مأزق كبير بعد خطأ وقع فيه خلال تحقيق رسمي. ارتكب خطأً في كتابة اسم شيخ طريقة صوفية متوفى، حيث كتب “ميمون” بدلًا من “مأمون”. أثار هذا الخطأ استياء أتباع الشيخ المتوفى، مما وضع يحيى تحت ضغط كبير. وبينما كان يمر بحالة من الحيرة والضياع، تلقى اتصالاً مفاجئًا من شخص يدعى “مأمون”، الأمر الذي دفعه للبحث عن أتباع الشيخ. هناك، التقى بشيخ من الطريقة الصوفية الذي اعتبر ما حدث “كرامة”، وأخبره أنه جزء من تلك الطريقة، وأن عليه انتظار علامة أخرى.

يتحول يحيى تدريجيًا من شخص يراوح في الخمارات إلى درويش متصوف، يعيش تجربة جديدة متكئة على الإيمان والروحانيات. يبدأ يشعر بأنه مختار، ويحصل على تأييد المريدين الذين يلجأون إليه طلبًا للبركة. تعاون هذا التحول مع مشاهد مؤثرة، مثل تلك التي يظهر فيها يحيى وهو يبارك امرأة حامل، وهو مقتنع بأن هذه هي العلامة الثانية التي كان ينتظرها. لكن الحيرة تستمر، ويبدأ يحيى في اكتشاف أن هناك خديعة خلف كل شيء، وأنه مجرد ضحية لعب يدها الآخرون.

الفيلم يقدم نظرة عميقة إلى الأبعاد الميتافيزيقية والروحانية، حيث استثمر المخرج عبد الوهاب شوقي هذه المواضيع بإضافة عناصر درامية جديدة. أبرز هذه الإضافات هو شخصية الشيخ الصوفي، التي لم تكن موجودة في القصة الأصلية. هذه التغييرات ساهمت في تعميق المحتوى، وجعلت التجربة السينمائية أكثر تشويقًا وتأملًا.

على المستوى الشخصي، منح الفيلم الشخصية الرئيسية اسم “يحيى”، وهو اختيار ذو معاني فلسفية ودينية عميقة في السينما المصرية. يحيى بطل الفيلم يشبه بشكل ما بطل فيلم “أرض الخوف” ليحيى المنقباوي، لكنه يمر بتحولات أكثر حدة وأسرع، حيث تنقلب حياته في أيام قليلة بدل سنوات. تتناول القصة مراحل الشك واليقين والإيمان الأعمى، وتأثيرها في حياة الإنسان، وكيف يمكن أن تتحول المفاهيم إلى سجن نفسي خطير.

تمثل هذه الرحلة الدرامية نقطة محورية في الفيلم، خصوصًا مع تصويرها لفكرة أن الاعتقاد المطلق في شيء غير ملموس قد يؤدي إلى الهلاك. وهذا ما برز أيضًا في أعمال عربية أخرى مثل مسلسل “السبع وصايا”، الذي ناقش الإيمان الأعمى والمخاطر التي تنجم عنه بأسلوب مختلف.

كما يستشهد الفيلم بمواضيع نجيب محفوظ الأخرى، حيث يظهر التشابه في رواية “الطريق”، التي رواها محفوظ بشخصيات تبحث عن الحقيقة وتكتشف أن هناك من يعبث بحياتها للمتعة فقط. هذا الارتباط بين الأعمال يضيف عمقًا إضافيًا لفهم القصة والرسالة التي يود الفيلم إيصالها.

نجح عبد الوهاب شوقي في إعادة صياغة القصة الأصلية بذكاء، مستغلًا أدوات السينما لإيصال رؤيته الخاصة. تم تعديل النص بما يخدم الحبكة السينمائية، مما قدم تجربة مختلفة وجديدة للمشاهد. كما برع الممثل خالد كمال في تجسيد شخصية يحيى، الذي يعكس بؤسًا داخليًا وألمًا نفسيًا عميقًا، مما أضاف للفيلم بعدًا حقيقيًا ومؤثرًا.

حاصل علي كلية الدراسات الإسلامية جامعه الازهر الشريف في القاهرة احب كتابة الأخبار والتريندات