عودة بايرن ميونخ لحكم أوروبا تكتمل.. كومباني يكتب سطور الهيمنة بلغة الأرقام والانتصارات

كتب: محمود الشوادفي

في قلب أوروبا، حيث تصنع الأساطير وتروى قصص المجد، يكتب بايرن ميونخ هذا الموسم فصولًا جديدة من بطولاته الخالدة، بقيادة مدربه البلجيكي فينسنت كومباني، الذي تحوّل في وقت قياسي من قائدٍ في الملعب إلى قائدٍ في الفكر والرؤية؛ ما يفعله بايرن هذا الموسم ليس مجرد بداية قوية، بل ملحمة كروية متكاملة تعيد إلى الأذهان هيمنة الفريق البافاري في سنوات مجده الكبرى، حين كان يفرض سطوته على القارة دون منازع.

كومباني يبعث روح بايرن من جديد

منذ أن تسلم كومباني دفة القيادة في صيف 2024، بدا واضحًا أنه جاء ليبني مشروعًا جديدًا، لا يكتفي بالفوز، بل يبحث عن هوية هجومية أصيلة تليق بتاريخ بايرن؛ تحت قيادته، صار الفريق منظومة متكاملة تتحرك بدقة وجرأة وانضباط، تجمع بين القوة الألمانية والذكاء البلجيكي في آنٍ واحد.

وفي الموسم الجاري، ظهر ذلك جليًا في الدوري الألماني، حيث حقق بايرن 9 انتصارات كاملة من أصل 9 مباريات، وسجّل 33 هدفًا مقابل 4 أهداف فقط في مرماه، في انطلاقة تجسد الفارق الكبير بينه وبين جميع منافسيه.

انتصار تاريخي في باريس يفتح بوابة المجد الأوروبي

وفي ساحة المعارك الأوروبية، واصل بايرن كتابة التاريخ بأسلوبه المعتاد، ففي ليلة باريسية خالدة، انتصر الفريق البافاري على باريس سان جيرمان بنتيجة 2-1 في معقله “حديقة الأمراء”، محققًا فوزه السادس عشر على التوالي في جميع البطولات.

الجدول الذهبي لأطول سلاسل الانتصارات في التاريخ

لم يكن ذلك مجرد انتصار آخر، بل مقطعًا جديدًا في معزوفة تاريخية جعلت من بايرن أول نادٍ ينتصر على باريس في ملعبه ثلاث مرات متتالية، كما رفع رصيده إلى 9 انتصارات كاملة على بطل فرنسا، بينها 7 من أصل 10 مباريات منذ دخول مؤسسة قطر للاستثمار الرياضي المشهد الكروي في 2011.

تلك النغمة المتصاعدة في الأداء والنتائج لم تأتِ صدفة، بل جاءت ضمن أطول سلسلة انتصارات في تاريخ الدوريات الخمسة الكبرى، بعد أن وصل الفريق إلى 16 فوزًا متتاليًا منذ انطلاق الموسم، متفوقًا على كل من سبقوه في القارة العجوز.

العلامة الكاملة.. حلم بايرن الأوروبي الجديد

بعد انتصاره الرابع تواليًا، يبدو أن بايرن ميونخ يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق إنجاز غير مسبوق، في الانتصار بالعلامة الكاملة في مرحلة الدوري، بعد استحداث دوري الأبطال بداية من الموسم الماضي، ليكون أول فريق يحقق ذلك، وليس غريبًا على الفريق البافاري، خاصةً وأنه اكثر فريق انتصر في جميع مبارياته بدور المجموعات بالنظام القديم، حيث فعل ذلك 3 مرات مناصفةً مع ريال مدريد حامل الرقم القياسي بعدد التتويجات بذات الأذنين.

ويمتلك كومباني فرصة لا تعوض للقيام بذلك خاصةً بعد تخطي عقبة باريس سان جيرمان، حيث يتبقى له فقط آرسنال من فرق الصف الأول، فيما سيلاقي في المباريات الثلاث الأخيرة سبورتنج لشبونة البرتغالي ويونيون سانت جيلواز البلجيكي وبي إس في أيندهوفن الهولندي.

الأندية التي حققت العلامة الكاملة في دور المجموعات

الترتيب	النادي	الموسم	عدد الانتصارات في دور المجموعات
1	ميلان	1992/1993	6 من 6
2	باريس سان جيرمان	1994/1995	6 من 6
3	سبارتاك موسكو	1995/1996	6 من 6
4	برشلونة	2002/2003	6 من 6
5	ريال مدريد	2011/2012	6 من 6
6	ريال مدريد	2014/2015	6 من 6
7	بايرن ميونخ	2019/2020	6 من 6
8	أياكس أمستردام	2021/2022	6 من 6
9	بايرن ميونخ	2021/2022	6 من 6
10	ليفربول	2021/2022	6 من 6
11	بايرن ميونخ	2022/2023	6 من 6
12	ريال مدريد	2023/2024	6 من 6
13	مانشستر سيتي	2023/2024	6 من 6

سجلٌ ذهبي يضع كومباني بين أساطير بايرن ميونخ

في لغة الأرقام، لا مجال للصدفة. فمنذ توليه المهمة، خاض فينسنت كومباني مع بايرن 72 مباراة في مختلف المسابقات، حقق خلالها 54 فوزًا و9 تعادلات و9 هزائم، بمعدل 2.38 نقطة في المباراة الواحدة.

هذا المعدل يضعه في مصاف النخبة، متفوقًا على مدربين كبار قادوا بايرن في السنوات الأخيرة مثل توماس توخيل (1.95)، يوليان ناغلسمان (2.31)، كارلو أنشيلوتي (2.28) ونيكو كوفاتش (2.26).

ومع ذلك، فإن الطريق لا يزال ممتدًا أمامه ليصل إلى قمة القمم، حيث يقف عمالقة بايرن عبر التاريخ: هانز فليك (2.53)، يوب هاينكس (2.49)، وبيب جوارديولا (2.41)، لكن المؤشرات كلها تقول إن كومباني يسير على خطاهم بثبات، ويقترب بخطى واثقة من كتابة فصله الخاص في سجل الأساطير، وليس بعيدًا عن التفوق عليهم خلال الموسم الجاري في ظل استمراره على مقعد القيادة.

الترتيب	المدرب	معدل النقاط في المباراة الواحدة
1	هانسي فليك	2.53
2	يوب هاينكس	2.49
3	بيب جوارديولا	2.41
4	فينسنت كومباني	2.38
5	يوليان ناغلسمان	2.31
6	كارلو أنشيلوتي	2.28
7	نيكو كوفاتش	2.26
8	توماس توخيل	1.95

بايرن يعود إلى المجد.. مشروع جديد يولد في ميونخ

ما يقدمه بايرن اليوم ليس مجرد موسم ناجح، بل عودة هيبة العملاق. الفريق يستعيد هويته الأوروبية القديمة، ويعيد رسم صورته كقوة لا تُقهر، قادرة على هزيمة أي خصم، في أي ملعب، وتحت أي ظرف، فليست قصة نتائج فحسب، بل حكاية مشروع جديد يُبنى بعقل بارد وقلب مشتعل؛ كومباني لا يقود فريقًا نحو لقب… بل يقود كيانًا نحو عصر جديد من الهيمنة، عصرٍ قد يُكتب فيه اسم بايرن ميونخ مرة أخرى بحروفٍ من ذهب في تاريخ كرة القدم العالمية.