حصاد الشطة السوداني في الوقف: مزارعو جزيرة العبل يتصدرون
على طرقات جزيرة العبل في مركز الوقف شمال قنا تمتد بقع حمراء لامعة تحت الشمس، صفوف من قرون الشطة تُفرد على الحصر والأسطح، رائحة لاذعة تسبق الألوان وتعلن وصول الموسم، النساء يجلسن قرب الأبواب لتقشير القرون وتجهيزها للتجفيف، الأطفال يقلبونها كل حين كي لا تلسعها الرطوبة، والمزارعون يراقبون الإيقاع اليومي للعمل بخبرة قديمة.
تشتهر الجزيرة منذ زمن بالشطة السوداني، محصول صيفي أول ينعش البيوت مع نهايات القيظ وبدايات الخريف، الجني يتم على دفعات بين مرتين وثلاث خلال الموسم الواحد، ويصبح مصدر رزق رئيسي لعشرات الأسر التي ترتبط مواعيدها بضوء النهار وطول الظل.
يقول المزارع عبدالفتاح شمروخ إن الشطة هنا ليست مجرد محصول بل دورة حياة، توفر عملاً للشباب في الجمع والتحميل والنقل، وتتيح للنساء عملًا مأجورًا داخل البيوت من دون اضطرار للخروج، الفائدة تتوزع بعدالة بين الحقل والبيت، والكل ينتظر هذه الفترة لما تحمله من حركة ورواج.
الأجرة في التقشير تُحسب بالكيّلة، وتصل إلى 15 جنيهًا للكيّلة الواحدة، العمل يتم على مهل كي لا تتكسر القرون أو تفقد لونها، السلال تمتلئ تباعًا ثم تُعاد إلى أصحابها لمراحل التجفيف، والنساء يحتفظن بإيقاع ثابت يوازن بين شغل البيت ووتيرة الموسم.
الخطوات تبدأ مع سبتمبر وتستمر حتى ديسمبر، تُقطف القرون في الحقل ثم تُحمّل في شكاير وتوزع على البيوت، تتولى السيدات التقشير وإزالة العروق الزائدة، بعدها تُفرد الشطة تحت شمس صريحة لعدة أيام وتُقلب مرارًا حتى يثبت القوام ويجف اللب، ثم تعبأ بإحكام استعدادًا للبيع للتجار في أسيوط وأسوان وقنا، كما يذهب جزء إلى المحلات والأسواق القريبة وفق جودة الدفعات وسرعة التجفيف.
الأجواء الحارة والجافة تساعد على سرعة الجفاف وتحافظ على اللون الأحمر القاني، التقليب اليومي يمنع العطب ويطرد أي رطوبة زائدة، والسطوح الواسعة تمنح القرون مسافة للتهوية، ومع غروب الشمس تُغطى الحصر لحماية المحصول من الندى، ويُستأنف العمل مع أول ضوء.
في السوق تُعرف أنواع عدة من الشطة، أبرزها الهندي والياباني، ويُفرّق بينهما بطول الحبة وسمك القشرة، غير أن العبل تضع بصمتها بالشطة السوداني ذات الطلب المستقر، المزارعون يلتزمون بزراعة الأصناف المأمونة ذات العائد المتوازن، ما يمنح الموسم استمرارية وثقة لدى المشترين.
متوسط إنتاجية الفدان في الجزيرة يتراوح بين 3 و4 أطنان خلال الموسم، رقم يجعل الشطة أحد أهم محاصيلها الاقتصادية، الأكياس الحمراء تغادر البيوت على ظهور المركبات الصغيرة تباعًا، ميزان يدوي يحدد الوزن، ونظرة خبيرة تلحظ اللمعان والجفاف الكامل قبل أن تتجه الدفعات إلى خط السير التالي.


تعليقات