تعليقات الفيدرالي الحذرة تدفع الأسواق للتراجع عن رهانات خفض الفائدة والذهب يقترب من قاع جديد
تراجعت رهانات المتعاملين على مسار السياسة النقدية الأميركية خلال الساعات الأخيرة، بعد سلسلة إشارات حذرة صدرت عن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، فتلاشت تقريباً فكرة خفض الفائدة في ديسمبر لدى جزء واسع من السوق. وجاء ذلك وسط انتظار يقظ لبيانات اقتصادية قريبة قد تقلب الصورة أو تؤكدها.
يرى محللون أن المتداولين لم يعودوا يتوقعون تخفيضات عاجلة، إذ إن نبرة الحذر دفعتهم إلى إعادة تسعير المشهد، بينما يقدّر بعضهم أن الذهب يقترب من قاع قصير الأجل في ظل رهان يستمر على قيام الفيدرالي بخفض تدريجي للفائدة عبر عدة أرباع لاحقة، كما أن توجهات البنوك المركزية نحو تنويع الاحتياطيات لصالح المعدن الأصفر تبقى قوية.
بيانات التسعير المستقاة من عقود الفائدة تعكس هبوطاً واضحاً في احتمالات خفض ديسمبر إلى ما يزيد قليلاً على 46%، بعد أن كانت تقارب 67% قبل أسبوع واحد، ما يشير إلى انعطافة مزاجية حادة بين المستثمرين. وتاريخياً، أي انكماش في تلك الاحتمالات يضغط على الأصول الحساسة لسعر الفائدة، بينما يزيد حساسية السوق لأي مفاجآت في الأرقام المقبلة.
إلى جانب ذلك، أربك الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ البلاد الحسابات لأسابيع، ومع انتهائه الأسبوع الماضي عادت دورة نشر البيانات الرسمية بعد توقف طويل ألقى بظلال كثيفة على صناع السياسات والمتداولين قبيل الاجتماع التالي للفيدرالي. وفي غياب السلسلة المعتادة من المؤشرات، اعتمدت الأسواق على الإشارات اللفظية والتسعير الضمني، ما ضاعف تقلبات التوقع.
كان كثيرون يعولون على عودة الجداول الإحصائية لتغذية موقف الداعين إلى خفض في ديسمبر، غير أن لهجة الحذر التي تسللت إلى الخطاب الرسمي بددت جانباً من تلك الرهانات، وأعادت السيناريو الأساسي إلى مسار الانتظار والترقب.
نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي دعا إلى “المضي قدماً ببطء” فيما يتعلق بتخفيضات إضافية، عبارة قصيرة لكنها كافية لإضافة طبقة جديدة من الضبابية إلى المشهد، ولتخفيف احتمالات التحرك السريع في الشهر المقبل. مثل هذا الخطاب يدفع المتعاملين إلى تقليص التعرض للمخاطر، ويعزز الطلب على الأدلة الصلبة من البيانات بدلاً من الإشارات.
الأنظار تتجه الآن إلى محضر الاجتماع الأخير الذي يصدر يوم الأربعاء، ثم إلى تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر يوم الخميس، وهما محطتان قادرتان على إعادة رسم منحنى التوقعات خلال أسابيع قليلة. وتُعد هذه الإشارات من بين آخر المدخلات الجوهرية قبل قرار السياسة المرتقب، في وقت تتزايد فيه الهشاشة الموسمية مع اقتراب نهاية العام.

تعليقات