برلنتي عبد الحميد عيد ميلاد نجمة الذكاء والدلال
تمر اليوم ذكرى ميلاد الفنانة الراحلة برلنتي عبد الحميد، التي تركت بصمتها الخالدة في عالم الفن المصري. برلنتي، لم تكن مجرد وجه جميل على شاشة السينما، بل كانت شخصية قوية ومميزة، صنعت لنفسها مكانًا لا يُنسى في وجدان المشاهدين. كانت تتمتع بحضور فني استثنائي، يجمع بين الذكاء والدلال، مما جعل كل ظهور لها يحمل وقعًا خاصًا.
وُلدت برلنتي بنفس متفردة، تحمل في روحها شغفًا لا ينقطع نحو الفن. لم تدخل عالم السينما بمجرد صدفة، بل أخذت منه الحياة بمنتهى الجدية، معتبرة إياه فضاءً تعيش فيه وتجدد نفسها باستمرار. كانت تعرف جيدًا كيف تبرز ثقتها أمام الكاميرا، وتجمع بين البساطة والقوة بأسلوب لا يشبه أحدًا غيرها.
بدأت رحلتها الفنية من خلال دراستها في معهد الفنون المسرحية بالقاهرة، بعد حصولها على دبلوم التطريز. كانت بداياتها في قسم النقد، ولكن كاريزما موهبتها لفتت انتباه رائد المسرح زكي طليمات، الذي شجعها على التحويل إلى قسم التمثيل. تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية، وبدأت أولى خطواتها على خشبة المسرح من خلال مسرحية “الصعلوك”.
سرعان ما لفتت الأنظار إلى موهبتها المتميزة، حيث شاهدها المخرج بيبر زريانللي ومنحها فرصة دخول عالم السينما من خلال فيلم “شم النسيم” في عام 1952. كان هذا اللقاء نقطة انطلاقها في العمل السينمائي، التي سرعان ما تولت أدوارًا رئيسية في عدد من المسرحيات المهمة، مثل “قصة مدينتين” و”النجيل”. وهكذا، تحولت برلنتي إلى بطلة سينمائية ملموسة، لا سيما بعد مشاركتها في فيلم “ريا وسكينة” للمخرج صلاح أبو سيف، الذي شكل مرحلة فاصلة في مسيرتها الفنية.
على الصعيد الشخصي، ارتبطت برلنتي بقصة حياة معقدة مع الوزير المشير عبد الحكيم عامر، وزير الحربية، حيث عاشا زواجًا فريدًا أثار كثيرًا من الجدل في الأوساط العامة. كان لهما ابن واحد، عمرو، وحكت برلنتي تفاصيل تلك المرحلة الحساسة من حياتها عبر كتابها “المشير وأنا” الذي صدر عام 1993. ثم أصدرت في عام 2002 كتابًا أكثر تفصيلًا بعنوان “الطريق إلى قدري”، تناولت فيه مسيرتها وعلاقتها بالمشير عامر برؤية أعمق وأصدق.
طوال حياتها، حافظت برلنتي على هدوء شخصيتها، بعيدًا عن الضجة والأضواء، محافظة على خصوصيتها وكرامتها الفنية. رحلت في الأول من ديسمبر 2010 داخل مستشفى القوات المسلحة بالمعادي عن عمر يناهز 75 عامًا، بعد تعرضها لجلطة في المخ. تركت خلفها إرثًا فنيًا غنيًا يجمع بين القوة، والمشاعر، والقرارات المصيرية التي شكلت مسيرتها، لتظل رمزًا من رموز الفن المصري الأصيل.

تعليقات