مصر تجذب استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة رغم التباطؤ العالمي

مصر تجذب استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة رغم التباطؤ العالمي

أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن مصر بدأت تجني ثمار الإصلاحات الاقتصادية الجذرية التي تبنتها خلال السنوات الماضية، موضحًا أن البلاد استطاعت جذب تدفقات كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي وتشدد الأوضاع المالية دوليًا. وأضاف أن هذه النتائج تعكس متانة الأساس الاقتصادي وثقة المستثمرين في توجهات الدولة وسياساتها المستقبلية.

وجاءت تصريحات الخطيب خلال مشاركته في قمة بلومبرج أفريقيا للأعمال المنعقدة في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا. وظهر الوزير في جلسة رئيسية بعنوان «تفعيل الأعمال التجارية العالمية» التي ناقشت التحولات المت加سرة في التجارة الدولية ودورها في إعادة تعريف أساليب عمل الشركات والحكومات. كما تناولت الجلسة الاستراتيجيات وآليات الاستثمار الجديدة اللازمة لوضع الشركات والاقتصادات على مسار نمو مستدام وسط تقلبات النظام الاقتصادي العالمي.

وقال الخطيب إن استراتيجية مصر ترتكز على توفير بيئة استثمارية شفافة وقابلة للتنبؤ، مع وضوح القواعد وتبسيط الإجراءات. وأشار إلى أن الدولة استثمرت أكثر من 550 مليار دولار في البنية التحتية خلال العقد الماضي، شملت شبكات الطرق السريعة والسكك الحديدية والمدن الجديدة. واعتبر أن هذا التوسع يخفّض كلفة ممارسة الأعمال ويحسن كفاءة سلاسل الإمداد.

واستعرض الوزير نتائج الإصلاح، موضحًا أن تحويلات المصريين في الخارج ارتفعت بنحو 100% تقريبًا من 20 مليار دولار إلى 37 مليار دولار. كما جرى خفض التضخم من مستويات تجاوزت 40% إلى 11.7% حاليًا، مع توقعات بالوصول إلى رقم أحادي خلال العام المقبل. وأكد أن إصلاح السياسات المالية والتجارية أسهم في زيادة الحصيلة الضريبية بنسبة 35%، مع ترجيح أن يسجل العجز التجاري بنهاية العام الحالي أدنى مستوى له منذ 2010. واعتبر أن هذه المؤشرات تمنح الاقتصاد زخمًا إضافيًا لتحسين فرص العمل والاستثمار.

وفي ما يتعلق بالقارة الأفريقية، شدد الخطيب على أن «هذا وقت أفريقيا»، وأن الفرصة مواتية لتسريع النمو المشترك. ودعا إلى تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية بشكل كامل، مبينًا أن التجارة البينية داخل أفريقيا لا تتجاوز 14 إلى 16% مقارنة بنحو 75% في أوروبا. ورأى أن تقليص هذه الفجوة قد يطلق طاقات إنتاجية هائلة عبر القارة.

وأشار الوزير إلى توافق مصر مع نظرائها الأفارقة على عدد من المبادئ الرئيسية، أبرزها عدم ترك أي دولة خلف الركب في مسيرة التنمية. كما أكد ضرورة تعميق التصنيع والتوطين للحفاظ على المواد الخام داخل القارة ورفع القيمة المضافة محليًا. وشدد على أهمية الترابط المادي، لافتًا إلى مشروع الطريق الذي يربط مصر بتشاد عبر ليبيا بوصفه محورًا سيخلق ترابطًا حيويًا ويفتح أسواقًا أوسع لسلع وخدمات هذه البلدان.

وأوضح الخطيب أن هذا الترابط يمثل قوة إضافية لأفريقيا، لأنه يعزز التجارة ويخلق وظائف على امتداد القارة وليس في مصر وحدها. ودعا إلى تعزيز التعاون لمعالجة التحديات اللوجستية، مثل ارتفاع تكاليف الشحن وتفاوت المعايير والإجراءات. كما طالب بتوفير أنظمة مصرفية وخدمات تمويل تجارة تدعم الانسياب السلس للتجارة البينية.

وأكد وزير الاستثمار أن النمو في مصر وأفريقيا ينبغي أن ينعكس على حياة المواطنين بشكل ملموس. ولفت إلى اهتمام الدولة المصرية بتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي وتوسيع برامج التدريب والتأهيل المهني للتعامل مع تداعيات الأزمات العالمية. وأشار إلى إتاحة مساحة أوسع لمشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية في مصر والقارة، بما في ذلك نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وفي سياق أوسع، أفاد الخطيب بأن مجموعة «بريكس» لا تزال في مراحلها المبكرة وتعمل على بلورة رؤية جماعية واضحة. وقال إن مصر، عبر اتفاقيات تفتح 70 سوقًا أمام المنتج المصري، تسعى إلى موازنة الميزان التجاري خاصة مع القوى الصناعية الكبرى. ويجري ذلك من خلال جذب الاستثمارات المباشرة وتنشيط الصادرات للمساهمة في سد العجز التجاري، مع التركيز على تعزيز التنافسية وتسهيل السياسات التجارية بما يضع قدرة المنتج المصري على رأس الأولويات. وأكد أن هذه النقطة تحديدًا تمثل مطلبًا رئيسيًا للمستثمر الأجنبي.

وتأتي مشاركة وزير الاستثمار والتجارة الخارجية في عدد من الفعاليات والاجتماعات بالتزامن مع انعقاد قمتي مجموعة العشرين G20 ومجموعة الأعمال B20 في جنوب أفريقيا. ويعد ذلك تأكيدًا على الدور الذي تسعى مصر للقيام به في دفع الاستثمار والتجارة على المستويين الأفريقي والعالمي. كما يشير إلى رغبة القاهرة في تحويل المبادرات المطروحة إلى مشروعات قابلة للتنفيذ وشراكات عملية.