من أكاديمية مانشستر سيتي إلى تألقه الساحر ضد برشلونة.. قصة صعود كارلوس فوربس نحو النجومية

في قلب ملعب جان بريديال في بلجيكا، وفي إحدى الليالي التي لن تنسى في تاريخ دوري أبطال أوروبا، أظهر الشاب البرتغالي كارلوس فوربس براعته أمام أحد أكبر أندية العالم، برشلونة، تألق فوربس في هذه المباراة، وساهم بشكل مباشر في التعادل المثير 3-3 بين كلوب بروج والبلوجرانا، بتسجيله هدفين وصناعته هدفًا آخر؛ هذه المباراة كانت بمثابة لحظة مفصلية في مسيرته الكروية التي شهدت الكثير من التحديات والعقبات، قبل أن يجد أخيرًا المنصة التي يمكن أن يطلق فيها العنان لموهبته، ويظهر بشكل مميز في أهم البطولات القارية.

لكن تألقه أمام برشلونة ليس إلا مرحلة جديدة من قصة بدأها في سن مبكرة، مليئة بالمنعطفات والتقلبات التي كانت في كثير من الأحيان حافلة بالإحباط، لم تكن مسيرته مفروشة بالورود، لكنه تمسك بأمل أن يظهر في النهاية كما يجب، وهو ما تحقق أخيرًا في بلجيكا، ولكن للوصول إلى هذه اللحظة، مر فوربس بالعديد من المحطات التي رسمت مستقبله الكروي.

كارلوس فوربس والبداية من سبورتينج لشبونة إلى مانشستر سيتي

ولد كارلوس فوربس في سينترا، البرتغال، ليبدأ مسيرته في أكاديمية سبورتينج لشبونة، لكن طفولته في البرتغال لم تستمر طويلًا، إذ انتقل في وقت مبكر مع عائلته إلى إنجلترا، حيث انضم إلى أكاديمية مانشستر سيتي في سن صغيرة، ومن هناك بدأ رحلته نحو الشهرة، حيث قدم أداءً متميزًا في فرق الشباب، ليلفت الأنظار بسرعة ويثبت أن لديه موهبة استثنائية.

لم يخض كارلوس فوربس أي مباراة رسمية مع الفريق الأول لمانشستر سيتي، لكنه رغم ذلك يظل اسمًا يُتداول كثيرًا داخل أكاديمية النادي كواحد من أبرز المواهب التي مرت بها في السنوات الأخيرة.

الجناح البرتغالي، الذي تدرب لفترات تحت إشراف بيب جوارديولا، خطف الأنظار خلال موسم استثنائي مع فريق الشباب (تحت 21 عامًا) في 2022/2023، حين سجل 29 هدفًا وصنع 18 أخرى، بمعدل مساهمة تهديفية كل 55 دقيقة، ليُتوج بجائزة أفضل لاعب في بطولة الدوري الإنجليزي 2.

أداء فوربس المذهل، الذي تخللته رباعية في شباك مانشستر يونايتد وثلاثية في مرمى إشبيلية ضمن دوري الشباب الأوروبي، وثلاثية أخرى أمام ديربي كاونتي في كأس رابطة المحترفين، جعل الكشافين الأوروبيين يتسابقون على ضمه.

يقول بن ويلكينسون، مدرب فريق تحت 21 عامًا في مان سيتي: “كارلوس قدم موسمًا استثنائيًا، وكانت صفقة انتقاله إلى أياكس بمثابة حافز كبير لبقية اللاعبين، الجميع يعلم الآن أن العالم يراقبهم، وأن الأداء في فرق الأكاديمية يمكن أن يفتح أبواب الاحتراف”.

وخلال تلك الفترة، جذب فوربس حتى اهتمام إيرلينج هالاند، الذي قال بعد مشاهدة أحد مقاطع الأهداف: “هل هذا كارلوس؟ أعرفه جيدًا من التدريبات، إنه لاعب رائع”.

ورغم قربه من الفريق الأول وتعامله مع نجوم مثل فيل فودين ورياض محرز، إلا أن ازدحام مركز الجناح بالنجوم جعله يدرك أن فرصته في اللعب المنتظم صعبة، فاختار خوض تجربة جديدة.

في صيف 2023، دخل أياكس الهولندي ووست هام الإنجليزي في صراع قوي من أجل التعاقد معه، قبل أن يحسم النادي الهولندي الصفقة مقابل 14 مليون يورو، وهو مبلغ ضخم بالنظر إلى أنه لم يشارك بعد مع الفريق الأول للسيتي.

لكن رحلته في أمستردام لم تكن سهلة، فالفريق عاش موسمًا صعبًا (2023/2024)، ومع تغييرات المدربين المتكررة، اكتفى فوربس بخوض ثماني مباريات أساسية فقط في الدوري الهولندي، مسجلًا ثلاثة أهداف وصانعًا خمسة في 32 مباراة بالدوري الهولندي.

الانتقال إلى أياكس: مواجهة التحديات

في صيف 2023، وبعد فترة طويلة من التألق مع مانشستر سيتي، انتقل فوربس إلى أياكس أمستردام في صفقة كبيرة بلغت قيمتها 14 مليون يورو، وهي صفقة كان يتوقع لها أن تضعه على الطريق الصحيح للانطلاق نحو النجومية في واحدة من أكبر البطولات الأوروبية، جاء انتقاله إلى أياكس بعد موسم استثنائي مع سيتي في دوري الشباب، لكن سرعان ما اكتشف فوربس أن الأمور في هولندا لن تكون بنفس السهولة.

على الرغم من انضمامه إلى أحد الأندية الكبرى في أوروبا، إلا أن فوربس لم يتمكن من التكيف مع أسلوب اللعب في أياكس كما كان يأمل، لعب بشكل متقطع، ولم يحقق الأثر المرجو في الفريق الأول.

وفي صيف 2024، عاد إلى إنجلترا معارًا إلى وولفرهامبتون، مع خيار الشراء مقابل 13.5 مليون يورو، إلا أن الأمور لم تسر كما تمنّى، إذ شارك في عشر مباريات فقط، منها مباراة واحدة كأساسي، وعندما تولى فيتور بيريرا تدريب الفريق، خرج فوربس من حساباته تمامًا بسبب اختلاف أسلوب اللعب.

قال بيريرا وقتها: “كارلوس جناح ممتاز في المواقف الفردية، سريع للغاية، لكنه لا يتناسب مع نظامي القائم على الأجنحة الدفاعية، إنه لاعب هجومي بحت، ولا يملك الخصائص المطلوبة للعب بين الخطوط أو العودة للمساندة الدفاعية”.

وبعد انتهاء الموسم، تلقى فوربس صدمة جديدة حين أبلغه مدير الكرة في أياكس، أليكس كروس، عبر رسالة “واتساب” أنه لم يعد ضمن خطط النادي، وأنه غير مرحب به في تدريبات الفريق الأول.

القرار أثار جدلًا واسعًا في هولندا، ودفع رابطة اللاعبين هناك إلى وصف الموقف بأنه “إساءة مهنية وإضرار علني بلا مبرر” معتبرة اللاعبين المتضررين “ضحايا لسياسة أياكس الفاشلة”.

لكن من رحم الأزمة، وُلدت بداية جديدة، ففي يوليو 2025، انضم فوربس إلى كلوب بروج البلجيكي مقابل 8.5 مليون يورو، وهي صفقة منحت مانشستر سيتي نحو 1.7 مليون يورو إضافية بفضل بند إعادة البيع.

ومنذ انتقاله إلى بلجيكا، بدأ النجم البرتغالي أخيرًا في استعادة بريقه. إذ سجل 3 أهداف وصنع مثلها في 14 مباراة، فيما وصفت صحيفة “Le Soir” البلجيكية انطلاقته بـ”الانفجارية والمبهرة”.

رحلة جديدة في بلجيكا: بداية التوهج

في صيف 2025، قرر فوربس الانضمام إلى كلوب بروج البلجيكي في صفقة بلغت 8 مليون يورو، كانت هذه الخطوة هي النقطة التي بدأ فيها فوربس في تقديم نفسه بشكل أفضل، ففي أول مباراة له مع كلوب بروج في دوري أبطال أوروبا ضد سالزبورج في التصفيات، سجل هدفًا رائعًا ساعد فريقه على التأهل إلى دور المجموعات، كانت هذه البداية هي أولى إشاراته التي أكدت أنه قد بدأ في استعادة بريقه.

ومع بداية موسم 2025-2026، بدأ فوربس في تقديم مستويات مميزة مع كلوب بروج، حيث أظهر إمكانياته الحقيقية بعد سنوات من الانتظار، لكن مباراة برشلونة كانت هي اللحظة التي قلبت الأمور رأسًا على عقب.

لحظة التألق ضد برشلونة

في مباراة مثيرة ضد برشلونة قدم كارلوس فوربس أداءً استثنائيًا أبهر الجميع، ففي الدقيقة السادسة، قدم فوربس تمريرة حاسمة رائعة لزميله نيكولو تريسولدي، ليضع كلوب بروج في المقدمة؛ بعد أقل من دقيقة، عادل فران توريس لبرشلونة، لكن فوربس كان قد بدأ لتوه في إظهار قدراته.

في الدقيقة 17، تمكن فوربس من استغلال خط دفاع برشلونة المرتفع في هجمة مرتدة سريعة، ليضيف هدفًا رائعًا بتسديدة متقنة بقدمه اليسرى، ومع انطلاق الشوط الثاني، عاد ليضيف الهدف الثالث في الدقيقة 60 بعد أن سدد كرة ذكية مبتعدًا عن دفاع برشلونة، ليضع فريقه في المقدمة 3-2.

ورغم أن برشلونة أدرك التعادل في الدقائق الأخيرة، إلا أن فوربس كان قد قدم نفسه كأحد أبرز نجوم المباراة بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من منح فريقه فرصة للفوز بعد أن تحصل على ركلة جزاء، لكن تقنية الفيديو كان لها رأي آخر.

وكانت هذه المباراة بمثابة إثبات لقدراته على الساحة الأوروبية، حيث نجح في التألق ضد أحد أكبر الفرق في العالم، مسجلًا هدفين وصنع هدفًا آخر، مما دفع الجماهير والإعلام للحديث عن موهبته بشكل أكبر.

اليوم، وبعد عامين من مغادرته مانشستر سيتي، يبدو أن كارلوس فوربس، الذي كان يومًا ما موهبة صاعدة تبحث عن طريقها، بدأ أخيرًا في تحويل الوعود إلى حقيقة، خاصةً وأنه سيلتقي أمام سبورتنج لشبونة، ناديه السابق، وجهًا لوجه في الجولة القادمة من دوري أبطال أوروبا، لكن هذه المرة وهو نجم في فريق آخر.

ماذا قدم كارلوس فوربس مع جميع الأندية التي لعب لها؟

النادي	المباريات	الأهداف	التمريرات الحاسمة
أياكس	38	3	5
مانشستر سيتي تحت 23 سنة	38	26	13
مانشستر سيتي تحت 18 سنة	34	24	23
كلوب بروج	19	5	5
وولفرهامبتون	11	–	1
شباب مانشستر سيتي (تحت 19 سنة)	7	5	6
أياكس تحت 21 سنة	2	1	0